" بدي احكي لأبوي ما يزعل ازا ما انجحت في التوجيهي.. مش كل الناس لازم يطلعو معلمين و دكاترة ...البلد بدها نجارين و حدادين و مش غلط لو صرت منهم" سمعتها العام الماضي عبر صوت محطة اجيال الإذاعية قبل اعلان نتائج الامتحانات بفترة قصيرة.. صوت يخاطب والده بحرقة و مرارة، يخبره بانه سوف لن يخيب امله به إذا ما فشل في اجتياز التوجيهي، فهناك فرص كثيرة في الحياة ليتمكن من خلالها باثبات نفسه حتى و ان لم يكمل دراسته " و التوجيهي ما رح يقرر مصيري و مش آخر اشي بالدنيا"
" نجحنا و الله وفقنا... و آخر صبرنا نلنا" كنت جالسة مع امي أساعدها في "تصفيط" الغسيل... حينما أذيعت لأول مرة هذه الأغنية مصاحبة لمشاهد مؤثرة دفعتني للبكاء خشية أن لا يحالفني الحظ في السنة المقبلة و تخطي مرحلة " التوجيهي" بنجاح.. منذ ثماني سنين و حزين للآن و بعد بعد الآن سوف تظل مثل هذه الكلمات تبكيني و تبكي الكثير من مروا بتجربة التوجيهي و من سوف ينتقل بهم المقعد الدراسي لصف" التوجيهي".. ذلك الصف المتوتر لا شعوريا ... المضغوط و المكبوت بكم هائل من عبارات" انتو بنات توجيهي...بس هاي السنة...مستقبلكم معتمد ع هاي السنة...ادرسو منيح...دراسة الصبح منيحة...كلي تفاحة و اشربي كاسة مي قبل ملا تنامي مشان يضل وجهك نضر..." و غير من العبارات التي ترددت منذ زمن و ما تزال تتردد و تتردد.
كم أذكره ذلك اليوم ، استيقظت و رائحة القهوة المحمصة تستفز رئتي، و أمي تقلب بها و تبعث بابن أخي الصغير لشراء " التوفي" مشان عمتهم نجحت.. و أنا بغضب ساذج " يما طب ليش بتشتري ..تا تطلع النتائج .. وبلكي ما انجحتش" و أمي بكل هدوء " لا ما تخافي الليله احلمت انك جبتي 90"...و هذا ما أغضبني أكثر... جهزت نفسي لاذهب لبيت صديقتي " لولو" فقد اتفقنا على الذهاب للمدرسة معا للحصول على نتيجتنا.. لول العزيزة، كما أعرفها هادئة جدا و مسالمة لأبعد الحدود..استقبلتني و أمها على مطلع الدرج و بشروني بنتيجها، فقد حصلت على المرتبة السادسة على مستوى الضفة الغربية... سيل من القبلات و التهاني و حمى تشعل أحشائي فلم لأعرف النتيجة بعد. اصطحبتها الى المدرسة و ما أنكدها تلك الدقائق في باحة المدرسة الخالية الا من وجوه حزينة في مجملها تترقب بوابة المدرس الرئيسية لقدوم ورقة النتائج من المديرية. و ها قد أتت " و دوقوها فرحة" ... و هجوم كاسح على غرفة المديرة و التي دخلناها الاول مرة بدون تصريح .. أنا نجحت و انا نجحت و و انا مش لاقية اسمي ... معلمتي وين اسمي ..و بكاء و صراخ و أنا بكل أدب " معلمتي قديش جبت؟... مبروك صفاااااااااااء جبتي 90" بغض النظر عن الهمزة التي ستقتلني في يوم ما..الا انني انضممت لشة " المعياطات" ز هاتك عياط...اخي فرح كثيرا و ذهب مسرعا ليبشر امي.. و انا ما زلت أبكي ..أنا حسبتها 94و 8 أعشار..ليش هيك .. و انا اعييييييييييط .. في طريقي للبيت اعتقد جميع من مررت بهم بأنني "رسبت" و اخي يصطحبني و يضحك " فضحتينا ولك فكروكي سقطتي" ..وصلتك دارنا الجميلة... و الحارة هادية الا من صوت ابن اخي يبشر" عمتو نجحت" كم بكيت على حضن امي و عامل حالي معصبة عنجد "و زي الهبل ماسكة الكشف و بدي امزعه..هاي مش علاماتي...طب علامات مين يما.. انطمي و اقعدي" كلامي لنفس طبعا... و مشيت الامور الحمد لله و اكتظ المنزل بالمهنئات و اكتظ المطبخ ببكيتات البسكوت و كاسات الشراب.. و أخذ الكل يسال " بدكم تعملو حفلة مشان نجحت" و الاجابة لا ... فالبيت الذي يفصل بينان و بينه بيت... يعني ع العتبة.. ابنهم لم يمر عل استشهاده مع زوجتيه الثنتين شهرين.. و أمي لا تقتنع بمثل هذه الامور" اللي بدو يجي يهنيني في بنتي بيجي بدون حفلة"... معها حق
كم أشتاق لذلك اليوم... وكم أشعر بغيظ كلما تذكرة نتيجتي" تسعون فقط" كما كتبت على الكشف.. و كم قلت " يما ..مشان الله كان احلمتي اني جايبة 95".. و اليوم النتائج و في كل عام ستنتابني نفس المشاعر..بالكاد أذكر يوم تخرجي من الجامعة و لكني لن و لن أنسى يوم التوجيهي...فكما اعتادوا ان يلقنونا و ما زالو فهذا تحديد مصير و الا حظ زي ما اعتدنا نحكي و نسمع..
هناك 8 تعليقات:
صفا
نتائج توجيهي.. يوم من الأيام التي لا تُنسى أبداً، وكل سنة إلها طعم مختلف.
مش رح يكون البوست الجديد بالسنة الجاية، صح؟
:)
أكيد ما بنسى يوم ما حصل صديقي متشرد على نتيجته .... و كيف كان ضغط الشبكة...
بتعرف ..مشتاقة تسمعني صوت البحر مرة تانية
و البوست الجديد قريبا ان شاء الله.. السعودية بتعمل عمايلها يا زلمة
وردة بيضاء لروحك المرحة
حبيبتي صفا، كل هاد كاين صاير معك و انا مش متزكرة؟؟؟ بس متزكرة انك ضليتي تعيطي بس انسيت ازا واسيتك يومها ;)
فعلا امي معها حق :)
حبيت اللي كاتبتيه، فعلا كل هالاشيا بتتكرر، و عم بلاحظها كل سنة، النصائح، و الأغاني، البكا، و الصراخ، بس اللي بيتغير طريقة الاحتفال، عم تصير اكثر "فظاعة" و أقرب للشكليات و المظاهر بس، يعني في وحدة بدهاش تعمل لبنتها حفلة متلا، لأنه لازم تعمل تسريحة و تلبس فستان و صندل جديد و مش اي فستان و مش اي صندل !! و قيسي عالجميع اللي صار الشاطر فيهم يعمل حفلة بقاعة الأفراح و كإنه عرض صبايا بعد التوجيهي في كامل حلتهن، و هالنساء فقط دورهن الفرجة عالجيل الجديد و كل وحدة تنقي لإبنها...
محبتي
و تحياتي لمحمود هههه جد صفا صايرة كل سنة تكتب :)
ما هو كل زمن اله موضته...اااااااااااااااااه الله يرحم أيام ما كنا احنا بس لونين أبيض و أسود..هسة كله ملون...و الله ايام
دمت بخير أختي
مباااااارك
أعذري تدخلي في هذا النص
لما كنت توجيهي ما احت علامتي زي ما بدي زادولي علامة بس حسستني اني ما بعرف احسب
رائعة جدا خاطرتك زي كا انها كلاماتك حبة مش بس مجرد ماضي
الله يبارك فيك/ ي
سررت بتدخلك أمير...
ذكرى التوجيهى من الذكريات التي مع تقدمنا و تقدمنا تبقى حية لا تموت..
سعدت بمرورك... دمت بخير
إرسال تعليق